| 0 التعليقات ]


من أخطر الأسلحة الفتاكة
من أخطر الأسلحة الفتاكة
من أخطر الأسلحة الفتاكة

ثقافة الفخ الأمريكي




تذكر القصص الشعبية القديمة حكايةًً رمزيةً عن طائرٍ عُرف عنه علو التحليق و معانقة السحب ، أوى يوماً إلى عشه الصغير في جذع شجرة ضخمة عميقة الجذور ممتدة الفروع، و بينما هو مسترخٍ في عشه ، إذ بثعبان ضخم يتسلق الجذع ويفاجئ الطائر في عشه ، انبهر الطائر لما رأى الثعبان و هاله قدرته على الوصول إليه ، و تسللت إلى نفسه رهبة مضخمة تجاه ذلك الثعبان الأرضي الزاحف الوضيع... رهبةٌ أنست الطائر قدرته على التحليق في أعلى علو و جعلته عاجزاً عن الإفلات من ذلك المأزق العابر .
كثيرة هي الأسلحة التي يعدها عدونا و يشهرها في وجوهنا في كل جولة من جولات الصراع بيننا و بينه، و لسنا نعجب من العدو في عدائه و لا يدهشنا إشهاره لسلاحه ، فماذا عسانا أن نتوقع من العدو إلا العداء و إشهار السلاح بل الأسلحة؟!!!
و لكن ثمة ما هو أخطر من كل أسلحة العدو : إنه سلاحٌ آخرُ فتاك، نصنعه نحن بأيدينا ، و نرهب به أنفسنا بانفسنا ، ذلك السلاح متمثلٌ في النظرة الدونية للذات: أي أن نرى أنفسنا دون عدونا ، و أن تتشكل في عقولنا قناعة و في قرارة نفوسنا شعور متأصل أن عدونا أسطوري القوة و لا محدود الدهاء و لا يجارى في الكيد و المكر.
كثيرٌ من الناس – للأسف – ذهبوا ضحية هذا التفكير الخطير ، فأصبحوا يشككون في كل نجاح إسلامي أو وطني و سارعوا إلى تفسيره على أنه استدراج إسرائيلي أو فخ أمريكي ، و أنه حلقة من حلقات خطة محكمة صنعت بليل في الكنيست ووقعت بالحبر السري في البيت الأبيض.
و من أبعاد هذا التفكير الخطير أيضاً فقدان الثقة بالنفس و بالقيادة الإسلامية و الوطنية ، فيُنظر إليها دوماً نظرة الطائر السجين، أو المتورط المنجَّر، أو المتسرع الذي يسير ببلاهة تجاه الفخاخ المزعومة .
من المحزن أن ثقافة الفخ الأمريكي أصبحت رائجة و يسوق لها حتى بعض النخب ، سواءً بقصد أو عن غير قصد ، و أصبحت هذه الثقافة الهدامة مهيمنة على تفكير كثير من الناس ، حتى تطور الأمر لديهم إلى يأس كامل من أي فواق إسلامي أو وطني حقيقي.
لا ننكر أبداً ان عدونا خبيث و داهية ، و لا ننكر أنه يخطط و يمكر بنا ، و لولا هذا المكر لما عاديناه . ولكن في ذات الوقت ندرك أنه لا يعدو كونه من جنس البشر يخطئ و يصيب ، و فيه من الضعف تماماً كما فيه من القوة ، و نحن كذلك بشر لنا عقولٌ تفكر و ألباب تزن الأمور ، و نستطيع -بتوفيق الله- أن نمكر له كما يمكر لنا و أن نتربص به كما يتربص بنا.
لابد أن يدرك الجميع أن ما يدور في هذه الأرض هي معركة سجالية و صراع متبادل بين الحق و الباطل ، و أن كلا الطرفين يحاول أن يوجه الضربات للآخر ، فيناور الآخر متلافيا الضربة ، ثم يسارع و يسدد لكمة معاكسة ، و هكذا تستمر المساجلات حتى تكون الضربة القاضية.
كما لابد أن لا ينسى المخلصون و أهل الحق أن هذه المعركة على الرغم مما فيها من سجال و تبادل ضربات إلا أن نتيجتها النهائية معروفة و محسومة مسبقاً، قررتها عقيدة أهل الحق من أن الغلبة النهائية لن تكون إلا للحق و أن الباطل عاجلاً أم آجلاً ممحوق زاهق.
و من هنا نوجه دعوة إلى كافة المتابعين للأحداث و كافة المعنيين من مختلف المستويات ندعوهم للخروج السريع من قمقم هذه الثقافة الفتاكة: ثقافة الفخ الأمريكي ، و أن يستبدلوها بثقافة : " كم من فئة قليلة .." ، و أن ينجوا بأنفسهم من الوقوع في وحل خدمة العدو من حيث لا يعلمون ، و أن لا يكونوا سلاحاً فتاكاً يفت في عضد القضية و يؤخر زمن النصر.

0 التعليقات

إرسال تعليق